الجزائر تراهن على استثمارات أجنبية تستقطبها علاقاتها الخارجية
تولي الجزائر اهتماماً كبيراً لملف الاستثمار الذي يبدو أنه بات هاجس الحكومات المتعاقبة، بعد أن رافق الرئيس عبد المجيد تبون خلال مختلف زياراته الخارجية، وهو ما كشف عنه وزير الصناعة أحمد زغدار.
طلبات استثمارية أجنبية
وقدم زغدار بعض ما فازت به الجزائر من مشاريع استثمارية. وقال إن معظم طلبات الاستثمار والمشاريع المطروحة ترتبط بقطاعات هيكلية على غرار المناجم والحديد والفوسفات والسيارات، وتلك المرتبطة بالأمن الغذائي، موضحاً أنه “ستكون هناك قطيعة مع الماضي، ولن تتكرر الأخطاء المسجلة في الحقبة السابقة”.
وكشف وزير الصناعة أن الحكومة ستنظر في هذه المشاريع بمجرد صدور قانون الاستثمار الجديد، واستكمال النصوص التنظيمية المؤطرة له، الموجودة اليوم على مستوى الأمانة العامة للحكومة، والتي سيتم الإفراج عنها في القريب العاجل، مشيراً إلى أن قانون الاستثمار الجديد يتضمن امتيازات بالجملة، أهمها مواعيد تنفيذ المشاريع التي تم تسقيفها هذه المرة لتكون غير قابلة للتعطيل الذي طالما اشتكى منه المواطنون.
على رأس أولويات السلطة
وما يؤكد بأن ملف الاستثمار بات على رأس أولويات السلطة هو طريقة عرض مشروع قانون الاستثمار الجديد على البرلمان، إذ جاءت المناقشة والمصادقة عبر جلسة محدودة ومغلقة، على الرغم من امتعاض رؤساء الكتل البرلمانية. وهو ما يشير إلى الرغبة في تعجيل تمريره لدخوله حيز التنفيذ في أسرع وقت ممكن، لتجنب “إفلات المستثمرين من بين الأيدي”.
وكان مجلس الوزراء قد أقر 18 تعديلاً على قانون الاستثمار، وذلك بعد ثلاث جلسات عرض ومناقشة، ما يؤكد سعي الحكومة لاستدراك ما فاتها من فرص استثمارية في سوق توصف بـ”العذراء”، كما يشير ذلك إلى تجربة سابقة سلبية تسببت في عزوف شركات أجنبية عن الاستثمار في السوق الجزائرية.
سابقة
ويعتقد المتخصص في الشأن الاقتصادي، عمر هارون، أن “الجزائر قبلة استثمارية كبيرة على المستوى الدولي، لاعتبارات عدة أهمها أنها سوق عذراء، إضافة إلى الموقع الجغرافي والمواد الأولية المتوفرة، والبنى التحتية المنجزة أو قيد الإنجاز، كما أن اليد العاملة الرخيصة تساعد على جلب الاستثمارات”.
ويشير هارون إلى أن “قانون الاستثمار المصادق عليه الذي بات قابلاً للتنفيذ، فيه من الامتيازات والتحفيزات والضمانات ما يجعل النشاط الاستثماري يعرف حركية واسعة”.
ويقول إن “هذا الحراك الاقتصادي جاء في سياق زيارات قادت الرئيس تبون إلى دول صديقة وشقيقة، ويأتي في وقت تشهد فيه البلاد قدوم عدد من الشخصيات والمسؤولين السياسيين والاقتصاديين والمستثمرين، وكان الموضوع الاقتصادي أهم محاور المناقشات بينهم وبين نظرائهم الجزائريين”
1.3 مليار دولار استثماراً أجنبياً فقط؟
بالعودة إلى الأرقام، فإن معدل تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر في الجزائر يعد من بين أكثر المؤشرات تدهوراً، إذ انخفض هذا الاستثمار الأجنبي بنحو 19 في المئة، وسجل تراجعاً من مليار و382 مليون دولار عام 2019 إلى مليار و125 مليون دولار عام 2020، في انتظار الإحصاءات الخاصة بعام 2021، في حين تبقى أهم الاستثمارات تسجل في قطاع المحروقات، بسبب غياب استراتيجية عامة في مجال الاستثمار تضمن خلق شراكات مربحة مع الأجانب، وعدم استقرار القوانين وعدم ثباتها بشكل يبعث على الثقة في نفوس المستثمرين، إضافة إلى البيروقراطية الإدارية التي تعتبر معرقلاً أساسياً لتدفق الاستثمارات الأجنبية.
وانتقد الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن، في وقت سابق، غياب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، معتبراً أنه “لا يعقل ألا تستفيد بلادنا مما حباها الله من موقع استراتيجي مهم وموارد طبيعية كثيرة، حيث لم يتعد حجم الاستثمار الأجنبي المباشر معدل 1.3 مليار دولار في السنة، معظمها في قطاع المحروقات”. وقال إنه “رقم بعيد جداً، بل يكاد ينعدم، مقارنة بدول أخرى لا تملك من الإمكانات والموارد ما تملكه بلادنا”.
توفير المناخ المناسب
في السياق ذاته. يقول المتخصص في الشأن الاقتصادي، عبد الرحمن مبتول، إنه “يجب توفير العديد من الشروط لرفع مستوى الاستثمارات المباشرة في الجزائر، لأن كسب ثقة المستثمرين لا يكون في توفير المناخ الاقتصادي المناسب فحسب، إنما يتعلق بالتطورات السياسية على المديين المتوسط والطويل أيضاً”، معتبراً أن “تجاوب السلطات من خلال مراجعة قانون الاستثمار وعدد من التشريعات التي تحكم الاستثمار الأجنبي والمحلي، يعتبر إشارة قوية بالنسبة إلى رجال الأعمال والمستثمرين الأجانب”.
تعليق واحد